-->

القضاء المستعجل في القانون المغربي PDF


القضاء المستعجل في القانون المغربي 

كتب عن القضاء المستعجل عبد اللطيف هداية الله
دكتور في الحقوق
مجاز في الآداب أستاذ بكلية الحقوق جامعة الحسن الثاني

القضاء المستعجل في القانون المغربي PDF

موضوع القضاء الاستعجالي

يشكل القضاء المستعجل وسيلة فعالة لحماية الحقوق حماية وقتية. فما من شك أن أكبر مشكل قانوني يطرح نفسه بحدة هو الخطر الناجم عن بطء الحماية القضائية للحق، وهو خطر يهدد أحيانا بأن تصبح هذه الحماية عقيمة أو قليلة الجدوى مالم يتدخل القضاء بسرعة لحماية الحق. فكما أن حياة الإنسان ساعة الخطر تكون رهنا باسعافه، فإنه كثيرا ما تتوقف أهمية الحق على التعجيل بحمايته.
ورغم أن الأحكام التي يصدرها القضاء المستعجل ذات صبغة وقتية إلا أنها تحمي الحقوق في انتظار البت النبهاني في أصل النزاع من قبل القضاء الموضوعي.
ومن هنا أضحى القضاء المستعجل ضرورة يمليها تطور المجتمع، ومؤسسة تفرض نفسها بين مؤسسات القضاء، ودعامة قوية يعتمد عليها حسن سير العدالة.
ولاشك أن الأهمية التي يكتسيها القضاء المستعجل جعلت مختلف التشريعات تأخذ بنظام هذا القضاء، وتفرد له نصوصا تحدد قواعده وتنظم إجراءاته، ومنها التشريع المغربي.
يسرني أن أضع بين يدي القارئ الكريم هذا الكتاب الذي يتناول بالبحث والدراسة موضوع القضاء المستعجل»، وهو الموضوع الذي قدمت به أطروحة لنيل درجة دكتوراه الدولة في الحقوق دافعت عنها أمام لجنة المناقشة بتاريخ 21 يونيه 1986، وقبلتها اللجنة المحترمة بميزة «حسن جدا مع توصية بنشرها ضمن منشورات كلية الحقوق بالدار البيضاء.
ويعد هذا الكتاب الإصدار الثاني في حقل القضاء المستعجل بعد أن أصدرت كتابا بعنوان «الحراسة القضائية في التشريع المغربي»، والذي صدرت الطبعة الأولى منه سنة 1988
وإذا كان كتاب الحراسة القضائية يقتصر على بحث هذا الإجراء باعتباره تطبيقا من تطبيقات القضاء المستعجل، فإن كتاب القضاء المستعجل هذا يهتم ببحث مختلف المواضيع التي تندرج في هذا القضاء، وذلك رغبة في تقديم دراسة متكاملة للقضاء المستعجل في القانون المغربي، حتى أساهم ولو بقسط ضئيل في إغناء الخزانة القانونية المغربية بموضوع يتناول مؤسسة حيوية من المؤسسات القضائية.
ولهذا فإن تأليفي لهذا الكتاب كان بالأساس في ضوء القانون المغربي، سواء تعلق الأمر بالتشريع أو الفقه أو القضاء، ومع ذلك لم أهمل كلية القانون المقارن، حيث لم أتردد في الاستئناس به أو المقارنة بينه وبين القانون المغربي، كلما رأيت فائدة في ذلك.
وسيلاحظ القارئ الكريم بخصوص القضاء المغربي، أنني أستشهد ليس فقط بما يصدر عن المجلس الأعلى من قرارات، بل أيضا بأحكام وقرارات وأوامر صادرة عن المحاكم الدنيا، والمقصود بها طبعا المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، وذلك لأنني لاأريد أن أجعل المجلس الأعلى يحجب هذه المحاكم في الاستشهاد بأحكامها، لأن العبرة لاتكون دائما بالجهة التي أصدرت الحكم، وإنما تكون أيضا بالقيمة العلمية للحكم، وهذه القيمة قد نصادفها في الحكم أيا كانت الجهة التي أصدرته.
وقد خضع هذا الكتاب لمجموعة هامة من الاضافات والتنقيحات في ضوء ما تجمع لدي من معلومات ما بين تاريخ ميلاده كأطروحة إلى تاريخ وضعه تحت الطبع ليستفيد منه رجل القانون باحثا كان أو ممارسا، وكل من له علاقة من قريب أو من بعيد بموسوعة القضاء الاستعجالي.
ولابد من الإشارة إلى أن هذا الكتاب شهد منذ أن كان أطروحة إلى أن أصبح كتابا متداولا، میلاد أحداث هامة، منها بالخصوص :
  • أولا : إنعقاد ندوة القضاء المستعجل بالرباط في الفترة ما بين 5 و7 فبراير 1986، وهي الندوة التي عقدها المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية التابع لمجلس وزراء العدل العرب.
ورغم أن انعقاد هذه الندوة صادف الانتهاء من تهيئة الأطروحة ووجودها بين يدي أعضاء لجنة المناقشة لقراءتها إستعدادا لمناقشتها، فإنني حاولت في إطار الإضافات والتنقيحات التي خضعت لها فيما بعد الاستفادة من بعض أبحاث هذه الندوة.
  •  ثانيا : إحداث محاكم إدارية بالمغرب بمقتضى القانون رقم 41.90 الذي تم تنفيذه بمقتضی الظهير الشريف رقم 1.91.225 الصادر في 22 من ربيع الأول 1414 10 سبتمبر 1993
ولما كان هذا القانون قد أنشأ قضاء إداريا استعجاليا بمقتضى الفصل 19 منه، فقد حاولت إدراج موضوع القضاء الإداري المستعجل في أمكنة متفرقة من هذا الكتاب حسب المكان المناسب لكل جانب من جوانب هذا الموضوع، رغم أن ما كتب فيه من أبحاث
- إلى غاية طبع هذا الكتاب - وما صدر فيه من أحكام، لا يسمح بعد بتكوين صورة متكاملة عن الإشكاليات التي قد تطرح في العمل القضائي بخصوص هذا الموضوع.
ختاما لا أدعي أنني أحطت بكل جوانب موضوع القضاء المستعجل، ذلك أنه من جهة يعتبر من أكثر المواضيع القانونية غزارة من حيث المعلومات و تشعبا من حيث الإشكاليات، فلا يمكن لعمل من هذا النوع أن يحيط بها جميعا، وأنه من جهة أخرى،
لاشك في أن هذا العمل المتواضع موصوف بالنقص كغيره من أعمال البشر، إذ الكمال الله وحده، ومن ثم لابد أن يوجد فيه الغث والسمين، ويتخلله الخطأ والصواب، وكل ما أملكه هو أن أعتذر لمن وجد فيه نقصا معيبا أو تقصيرا مخلا، إذ كل ما أتمناه أن يكون لبنة أرجو أن تضاف إليها لبنات الباحثين حتى يكتمل بنيان هذا القضاء خدمة للصالح العام.

أولا : تعريف القضاء المستعجل :

تعددت التعاريف التي صيغت حول القضاء المستعجل في غياب تعريف قانوني له، فقيل بأنه «إجراء مختصر و استثنائي يسمح للقاضي باتخاذ قرار وقتي في المسائل المتنازع عليها والتي لا تحتمل التأخير في إصدار القرار بدون حصول ضرر. وقيل بأنه مسطرة استثنائية وسريعة تسمح لمدع برفع دعوى استعجالية أمام قاض يختص بالبت بصورة مؤقتة في كل نزاع يكتسي صبغة الإستعجال. وقيل بأنه «قضاء يقصد به الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت فصلا مؤقتا لا يمس أصل الحق، وإنما يقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي ملزم للطرفين بقصد المحافظة على الأوضاع القائمة أو احترام الحقوق الظاهرة أو صيانة مصالح الطرفين المتنازعين. وقيل بأنه «قضاء مؤقت لا يفصل في موضوع الحق وإنما يؤمر فيه بإجراءات وقتية يرى القاضي وجوب اتخاذها، ولا يكون لها قوة الشيء المحكوم به بل يجوز نقض أثرها فيما بعد بواسطة حكم من المحكمة التي تنظر موضوع حقوق الطرفين وتحكم فيه بحسب الطرق المعتادة .
وجاء عن تعريف القضاء المستعجل في منشور لوزارة العدل مايلي : «تطلق عادة كلمة القضاء المستعجل على مسطرة مختصرة، تمكن الأطراف في حالة الاستعجال من الحصول على قرار قضائي في الحين معجل التنفيذ في نوع من القضايا لا يسمح بتأخير البت فيها من دون أن تسبب ضررا محققا.
ومن خلال هذه التعريفات التي تصب في قالب واحد يجمعها نفس الإطار، يمكن القول بأن القضاء المستعجل هو مبدئيا فرع من القضاء المدني متميز ومستقل عن العمل القضائي العادي وعن التنفيذ القضائي، ذو مسطرة مختصرة واستثنائية وسريعة، ومصاريف قليلة، يسمح لمدع برفع دعوى استعجالية أمام قاض، يعرف بقاضي الأمور المستعجلة، يختص بالبت بصورة مؤقتة و دون المساس بالموضوع في كل نزاع يكتسي صبغة الإستعجال.

كتب عن القضاء المستعجل

ثانيا : أهمية القضاء المستعجل :

لاشك أن التمهيد السابق يتضمن ما يوضح بشكل أو بآخر الأهمية التي يلعبها القضاء المستعجل في ميدان التقاضي وفض المنازعات بين الخصوم وحماية الحقوق وصيانتها. ولقد ازدادت أهمية القضاء المستعجل في هذا العصر نظرا للتقدم الاقتصادي والصناعي واتساع نطاق المعاملات وتشعبها بين المتعاملين، وما ترتب عن ذلك من نهضة تشريعية أخذت تساير هذا النشاط في مختلف اتجاهاته ونواحيه.
ولقد أصبح القضاء المستعجل كعلاج نافع ودواء ناجع لوضع حد للنزاعات التي لاتحتمل التأخير، أو لرد عدوان جاء للوهلة الأولى من خصم ضد آخر، أو لحماية الأوضاع الظاهرة، أو لصيانة حق من الحقوق أو دليل من أدلة الدعوى، وكل ذلك دون التصدي الأساس القضايا وجوهر النزاعات.
إن القضاء المستعجل يمثل نفعا اجتماعيا بفضل عوامل الاستقرار ودفع الضرر المحدق وتدارك المواقف التي يسعى إلى تحقيقها قاضي الأمور المستعجلة، كما يمثل وضعية عادلة بالنسبة للأطراف خلال المدة التي يستغرقها البت في موضوع النزاع بل وقبل هذا البت، إذ يحتفظ الأطراف بمراکز آمنة تجعلهم في اطمئنان على حقوقهم إلى أن تتحدد تلك المراكز قانونا بصفة نهائية، ويعرف أصحاب تلك الحقوق الشرعيين بصورة قانونية لا لبس فيها ولا تعقيب عليها.
والقضاء المستعجل وسيلة تمكن الخصوم من إصدار قرارات مؤقتة سريعة دون مساس بأصل الحق - أي مع بقاء أصل الحق سلیما يناضل فيه ذووه لدى محكمة الموضوع - مع الاقتصاد في الوقت والإجراءات، فيتحقق بفضله التوفيق بين الأناة اللازمة لحسن سير القضاء وبين نتائج هذه الاناة التي قد تسبب ضررا لبعض الخصوم.
وإذا كان الحكم الذي يصدره قاضي الأمور المستعجلة لا يعدو أن يكون علاجا وقتيا لا يمس صميم الحق ولاتتقيد به محكمة الموضوع، إلا أنه غالبا ما تكون الأسباب التي يقوم عليها هذا الحكم بمثابة الخطوط الرئيسية الموصلة إلى حل 
النزاع
لتحميل كتاب القضاء الاستعجالي pdf 

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

دروس القانون

2022